رياضة المدينة المنورة- انهيار الأندية، ديون متراكمة، ومستقبل مجهول.
المؤلف: سامي المغامسي10.03.2025

لقد عاصرت عن كثب الحركة الرياضية في المدينة المنورة لفترة طويلة، منذ عام 1417 هـ، وخلال مسيرتي الصحفية، حرصت دائماً على تقديم تحليل موضوعي للواقع، بعيداً عن التملق والمجاملات، ولم أسعَ للتقرب من مجالس إدارات الأندية، بل تحدثت بشفافية وصراحة عن التحديات والصعوبات التي تواجه رياضة المنطقة. واليوم، أرى أن الوضع الذي تعيشه أندية المدينة هو الأسوأ على الإطلاق منذ تأسيسها، ولم أشهد فرقها في مثل هذا الوضع المؤسف والمحبط. كيف وصلنا إلى هنا؟ ومن يتحمل مسؤولية الإخفاقات المتتالية التي شهدها هذا الموسم، والذي سيظل محفوراً في ذاكرة كرة السلة السعودية، حيث تلقى فريق أُحد، أحد أعمدة كرة السلة السعودية، خسائر فادحة بفارق نقاط تجاوز الـ 70 نقطة! ما الأسباب وراء هذه الهزائم المروعة؟ وكيف يمكن لعاقل أن يصدق أن فريق أُحد، الذي حقق 52 بطولة محلية وخليجية، أصبح على شفا حفرة من الهبوط إلى الدرجة الأولى؟ أي صرح رياضي هذا الذي ينهار ويهوي بهذه السرعة وبهذه الطريقة المأساوية؟
إن العمل في إدارات الأندية ليس بالأمر الهين، وكان على مجالس إدارات أندية المدينة أن تدرك ذلك تمام الإدراك، وأن تتحمل مسؤولية هذا التدهور الذي أصاب الحركة الرياضية في المنطقة. والمشكلة الأكبر تكمن في الصمت المطبق من إدارات الأندية تجاه هذه النتائج المخيبة للآمال، دون تقديم أي مبررات مقنعة. وبالتأكيد، لن يتحدثوا علناً عن هذه الإخفاقات، ولكنني على يقين من أنهم يلومون أنفسهم سراً على سلسلة الأخطاء التي ارتكبوها، بدءاً من التعاقدات العشوائية غير المدروسة بمبالغ باهظة، والتي أدت إلى تراكم ديون طائلة أوصلت النادي إلى حافة الهاوية ومنعته من التسجيل، وصولاً إلى التفريط في النجوم اللامعة، وخاصة لاعبي كرة السلة، الذين يصعب تعويضهم. فهل ستعود قصة كرة السلة الجميلة في المدينة إلى سابق عهدها؟ أم أنها انتهت إلى الأبد ولن تعود؟
بصراحة، أشعر بإحباط شديد تجاه وضع الرياضة في المدينة المنورة، وهذا الشعور لا يقتصر عليّ وحدي، بل يشاركني فيه المجتمع الرياضي المديني بأكمله. فريق أُحد لكرة القدم في دوري يلو يقترب بشدة من الهبوط إلى الدرجة الثانية، وفريق الأنصار لكرة القدم يهبط رسمياً إلى الدرجة الثالثة. كيف يمكننا إعادة بناء أندية المدينة المنورة من جديد، بعد أن سقطت في دوامة فرق الدرجة الثانية والدرجة الثالثة؟ إنه وضع بالغ الأسى، ديون متراكمة تثقل كاهل الأندية من كل جانب، وتفريغ الأندية من المواهب الواعدة والنجوم البارزة وبيعهم للأندية الأخرى. عن أي شيء أتحدث بعد هذا؟ قد يقول البعض أنني كتبت كثيراً ولم يتغير شيء، ولكني أكتب وأدون للتاريخ، لكي يعلم الجميع أن رياضة المدينة تستحق أن تكون في أفضل صورة لها، لأن لغة الهزائم والخسائر المتتالية أصبحت عنوانها البارز في كل المنافسات الرياضية، والخوف الأكبر يكمن في المستقبل المجهول؛ لأن البناء من جديد يتطلب جهداً مضنياً وعملاً دؤوباً. ننتظر ونترقب ما ستسفر عنه المرحلة القادمة، والتي ستكون بالتأكيد أصعب وأكثر تعقيداً من المرحلة السابقة. ويبقى الأهم خلال الفترة المقبلة هو تدخل وزارة الرياضة العاجل، لأنه في نهاية المطاف، الأهم هو الحفاظ على الكيانات الرياضية من الانهيار، ويفترض أن يكون التقييم مبنياً على الواقع الملموس، فالنتائج السلبية والهبوط الوشيك للدوري الأدنى، والديون المتراكمة التي أدت إلى منع التسجيل؛ كلها مؤشرات خطيرة تدل على أن الأمور وصلت إلى أقصى درجات السوء.
سامحوني إدارات الأندية إذا كنت قاسياً في كتاباتي وانتقاداتي للوضع الحالي لأندية المنطقة، فهدفي ليس التجريح بشخصكم الكريم، وإنما تسليط الضوء على الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع الصعب، آملاً أن يعود الأداء إلى سابق عهده، ولن أتوانى عن قول الحقائق مهما كانت مؤلمة، فالصالح العام يتطلب منا جميعاً الصدق والشفافية.
ومضة:
كنت أمني النفس بحدوث تغيير إيجابي، ولكن خاب ظني على أمل واهٍ، أمل يعيد لنا الذكريات الجميلة التي طالما أسعدتنا.